تُطلق بعض الشركات منتجاتها بعشوائية من دون دراسة جيدة أو بناء فهم واضح لاحتياجات المستهلكين، ما يجعل المنتج معرضًا للفشل، وهذا يعني فشل الشركة في العثور على المنتج المناسب أو السوق المناسب. 

بمعنى آخر، إذا لم يكن هناك سوق لمنتجك، أو إذا لم يكن الطلب في السوق قويًا بما يكفي، فإن منتجك سيفشل حتى قبل إطلاقه، فلن يستخدمه أحد، والأسوأ من ذلك، لن يدفع أحد مقابله.

لذا إذا كنت صاحب شركة ناشئة؛ فمن الضروري تقييم مدى ملاءمة المنتج للسوق (Product-Market Fit)، ما يعني أنك بحاجة إلى استخدام معلومات السوق لوضع خطة من أجل تحقيق نتائج ناجحة لمؤسستك الناشئة على المدى الطويل.

تعريف مفهوم المنتج المناسب للسوق PMF

يمكن تعريف المنتج المناسب في السوق PMF، على أنه وضع المنتج في السوق التي تفتقر له؛ فعندما يحدد رائد الأعمال افتقار سوق ما لمنتج معين، ويأتي المنتج للسوق، سيُقبل عليه العملاء لشرائه. 

في هذه الحالة، يصبح ذلك المنتج مناسبًا للسوق، ولكن من المهم التأكد من وجود عدد كافٍ من الأشخاص الذين يريدون ما يقدمه منتجك، وتحديد عرض القيمة وفقًا لذلك. 

في بعض الأحيان، قد يكون توافق المنتج مع السوق أكثر أهمية لمستقبل عملك من الأفكار الإبداعية أو الفرق البارعين أو أي عامل آخر، ويجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار. لكي تستمر أي شركة يجب أن يكون هناك أشخاص يشترون ما تبيعه.

كيفية تحقيق توافق المنتج مع السوق

يمكنك إنشاء منتج مناسب للسوق بعدة طرق مختلفة، من ضمنها: 

مع ذلك، يجب الانتباه إلى أنّ تحقيق توافق المنتج مع السوق لا يتوقف عند هذا الحد، بل هو مرتبط بعدة مراحل أخرى، وأبرزها الاحتفاظ بالعملاء، لذلك نقدم لك 5 خطوات يمكنك اتباعها لتحقيق التوافق بين المنتج والسوق أثناء تطوير النموذج الأولي لمنتج قابل للتطبيق: 

1- تحديد العميل المستهدف

قد لا تعرف بالضبط من هو العميل المستهدف في البداية، ولكن يمكنك معرفة ذلك من خلال أبحاث السوق، للإجابة على أسئلة مثل: من برأيك سيشتري منتجك؟ كيف ستلبي احتياجاتهم؟ 

 باستخدام أبحاث السوق يمكنك إنشاء شخصيات العملاء الذين يمكن أن يشتروا منتجك.

2- تحديد احتياجات العملاء غير المتوفرة

من الصعب بيع منتج أو خدمة في سوق مليء بالحلول الحالية التي يستخدمها المستهلكون بالفعل، لذا فإن الخيار الأفضل هو العثور على احتياجاتهم التي لا توفرها لهم المنتجات أو الحلول التي يستخدمونها، وكيف يمكنك مساعدتهم في حلها.

3- تحديد القيمة المقترحة لمنتجك

من خلال الإجابة على أسئلة مثل: كيف سيُلبي منتجك احتياجات عميلك بشكل أفضل من أي منتج متاح في السوق حاليًا؟ وهل ستستطيع توفير منتج بجودة أفضل؟ وهل سعر منتجك مناسب مقارنةً بأسعار المنتجات المنافسة لها؟ وما هي الميزات التي يمكن تضمينها مثل تغليف أكثر جودة؟ 

4- تحديد الحد الأدنى من المنتج القابل للتطبيق MVP

من الضروري تحديد الحد الأدنى من المنتجات القابلة للتطبيق (A minimum viable product)، عبر توفير نسخة أو منتج تجريبي لمجموعة محددة من العملاء للتحقق من صحة فكرة المنتج في وقت مبكر من دورة تطوير المنتج، قبل إطلاقه رسميًا.

5- اختبار المنتج مع العملاء

في هذه المرحلة يمكنك عرض منتجك لمجموعة مختارة من عملائك المحتملين، وجعلهم يتكلمون عن المنتج ويجربونه بأنفسهم، ثم اسألهم عما يحبونه وما لا يعجبهم، وما الذي يفضلون رؤيته بدلًا من ذلك، لكن عليك أن تحافظ على انفتاحك ومرونتك على التعليقات الواردة؛ حتى تتمكن من مراجعة فكرتك لتناسب احتياجات عملائك بدقة.

بعد اتباع هذه الخطوات، يجب أن تكون لديك فكرة جيدة عن كيفية تفاعل السوق مع منتجك، وقبل الإطلاق تأكد من تنفيذ أي ملاحظات مهمة من العملاء؛ فقد ترغب في تغيير بعض ميزات MVP أو التفكير في سوق مستهدف جديد، أو حتى إعادة تعريف عرض قيمة المنتج.

كيف يمكنك قياس ملاءمة المنتج مع السوق المستهدف؟

لا يمكن لمجموعة واحدة من المقاييس أن تخبر أي شركة بنجاح منتجها في السوق المستهدفة، ومع ذلك هناك بعض الإشارات من شأنها أن تخبرك إذا كان المنتج يسير في الاتجاه الصحيح أم لا، مثل:

هذه بعض من أهم المؤشرات التي يجب عليك الانتباه لها؛ لقياس مدى نجاح منتجك في إيجاد طريقه إلى السوق، بالإضافة إلى ذلك، يمكنك استخدام هذه المعلومات لتحسين منتجك وتكييفها وتسويقها باستمرار.

 مع ذلك، سواء كنت حققت التوافق مع سوق المنتج أو وجدت أنك بحاجة إلى إعادة التفكير في عروضك الحالية، فإنّ البحث المستمر ضروري، لذا تأكد من إلقاء نظرة باستمرار على متطلبات السوق حتى تتمكن من إنشاء منتج يناسب هذا السوق بالضبط.

أمثلة ناجحة على ملاءمة المنتج للسوق

قامت بعض الشركات بمثل هذه المهمة المثالية في إنشاء منتج يناسب السوق؛ لكي تكون نجاحاتها بمثابة نماذج قبل إطلاق منتجك، ومن ضمن هذه الشركات:

  1. شركة نتفليكس لبث الفيديو حسب الطلب

اكتسبت شركة نتفليكس لبث الفيديو حسب الطلب، شهرة كبيرة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين؛ فقد وفرت للمستهلكين خدمة تأجير أقراص DVD وإرسالها عبر البريد إلى منازلهم، ولاحقًا قامت بتطوير منتجها مع تطور السوق، حيث كانت من أوائل الشركات التي غزت سوق بث الفيديو حسب الطلب، وما زالت تهيمن على السوق حتى الآن، وهذا يعود إلى قدرتها على تغيير طريقة عرض منتجها في كل مرة يحتاج فيها السوق إلى تغييرات، مع الحفاظ على هويتها.

  1. شركة ألفا بيت (جوجل)

عند ظهورها تنافست شركة جوجل مع الكثير من محركات البحث الأخرى للحصول على حصة في السوق، لكن لاحقًا وبالتحديد في عام 2003، تمكنت من التفوق على منافسيها عندما قدمت منتجًا جديدًا، وهو خدمة إعلانات جوجل (Google AdSense)، فقد أدرك مالكو الشركة أن الشركات مستعدة للدفع مقابل عرض إعلانات أكثر تخصيصًا لمنتجاتها، ومن ثم قاموا بتطوير هذا المنتج لتلبية هذا الطلب.

  1. خدمة سلاك للمراسلة الفورية

في بادئ الأمر كانت فكرة تطوير خدمة المراسلة الفورية سلاك (Slack)، هي في الأصل لعبة فيديو، ولكن سرعان ما أدرك فريق التطوير أن هناك فجوة في تطبيقات المراسلة الفورية التي تُركز على الإنتاجية، ومن ثم ابتعدوا عن تطوير اللعبة وركزوا على تطوير هذا المنتج الذي تقدر قيمته السوقية بنحو 16 مليار دولار، ويستخدمه أكثر من 10 ملايين شخص يوميًا.

  1. شركة أوبر للنقل

نشأت فكرة شركة أوبر (Uber) من العدم تقريبًا؛ فقد تمكن مؤسسها التنفيذي من إنشاء الشركة بعد مواجهته مشكلة في العثور على وسيلة نقل سريعة، حيث قام بإنشاء الخدمة لتلبية احتياجات الأشخاص الذين يريدون وسيلة نقل يسهل الوصول إليها عند الطلب.

هؤلاء هم المستخدمون الذين ليس لديهم الصبر للاتصال بشركة سيارات الأجرة، أو الانتظار للعثور على سيارة أجرة، وقد لا يرغبون أيضًا في التفاعل البشري، حيث وجد المؤسس أن السوق يفتقر إلى هذه الخدمة، وكان هذا دافعًا له لإنشاء هذا المنتج.

في الختام، من الضروري تقييم مدى ملاءمة المنتج للسوق المستهدف قبل إطلاقه، ومن ثمّ عليك إجراء أبحاث في السوق، ثم توفير نسخة تجريبية من منتجك لعملاء محددين لاستكشاف مدى تقبلهم للمنتج قبل إطلاقه رسميًا.