في الوقت الحالي يعتبر مفتاح نجاح أي شركة هو أن يكون لديها ثقافة قوية، تقوم على مجموعة من المعتقدات الراسخة والمشتركة على نطاق واسع، وتدعمها الاستراتيجية والهيكل الوظيفي؛ فقد وجد أن ثقافة الشركة القوية يكون لها دور فعال في معرفة الموظفين وكيف تريد الإدارة العليا منهم الاستجابة لأي موقف، والاستجابة المتوقعة، وأنهم يكافأون على إظهار قيم الشركة.
ما هي ثقافة الشركة؟
يعد مصطلح ثقافة الشركة (Company Culture) مفهومًا غامضًا، وتُعرف على أنها مجموعة مشتركة من القيم والأهداف والمواقف والممارسات التي تشكل الشركة، والطريقة التي يشعر بها الموظفون حيال العمل الذي يقومون به، والقيم التي يؤمنون بها، والمكان الذي يرون فيه الشركة تتقدم وما يفعلونه لتحقيق ذلك، حيث تشير الأبحاث إلى أن ثقافة الشركة تظهر إلى حد كبير من كيفية تفاعل الموظفين (الاستقلال أو الاعتماد المتبادل)، وكيف يستجيب الموظفون للتغيير (المرونة في الاستقرار)، حيث تؤثر الثقافة على النتائج من الأعلى إلى الأسفل.
مع معرفة أن الإنسان العادي يقضي ثلث حياته في العمل؛ فإن بيئة العمل التي يقضي فيها ذلك الوقت ستحدد إلى حد كبير نوعية الحياة المهنية له، فإذا كان يعمل في شركة ذات ثقافة قوية تتوافق مع معتقداته ومواقفه؛ فمن المرجح أن يعمل بجد ويظل مع الشركة على المدى الطويل. من ناحية أخرى، إذا كانت ثقافة الشركة لا تعكس مشاعره الشخصية، فمن المرجح أن يغادر والأسوأ من ذلك أن يظل مع الشركة ولكن مع أداء ضعيف.
ما الذي يحدد ثقافة الشركة الجيدة؟
كل شركة أو مؤسسة لديها عوامل فريدة من نوعها في نهجها في العمل والقيم التي تجمع فرق العمل معًا ككتلة واحدة، حيث أن ثقافة الشركة الجيدة متسقة وصادقة مع تلك القيم المحددة، وهناك ثلاث سمات مشتركة تميل الشركات إلى أخذها في الاعتبار عند تحديد ثقافة الشركة وتعزيزها، وهي:
- الأداء: هو جودة العمل الذي ينتجه الموظفون أثناء الساعات التي يقضونها في العمل، التركيز على الأداء يؤدي إلى تقدير الجهود التي يبذلها الموظفون، ويشجعهم على التعرف على إنجازات بعضهم البعض.
- الاستقلالية: هي قدرة الموظف على العمل بمفرده، ما يسمح له بالفخر بعمله ويمكّنه من النجاح.
- الشغف: هو الدافع الجوهري الذي يشعر به الموظفون تجاه عملهم، حيث يمكن للموظفين الذين يسترشدون بالشغف أن يشعروا بأنهم أكثر ارتباطًا بهدفهم في العمل.
أنواع الثقافة التنظيمية في الشركات
استنادًا إلى القيم والمواقف والممارسات المشتركة للشركة، يمكن تصنيف ثقافة الشركة في واحدة من أربع فئات أساسية للثقافة التنظيمية، وهي:
الثقافة التعاونية
هي بيئة عمل تركز على الناس، وتتميز بأنها تعاونية للغاية، يحصل فيها كل فرد على نصيبه من التقدير، ويكون التواصل فيها فعّالًا، وغالبًا ما تهتم بالتوجه العملي وترحب بالتغيير، وتتميز بأنّ فيها تُكسر الحواجز بين المديرين التنفيذيين والموظفين وتشجع فرص الإرشاد والتوجيه.
ثقافة التكيف
بيئة عمل مبتكرة وقابلة للتكيف، تسعى بشدة إلى تحقيق أهداف الشركة، وغالبًا ما تشجع المخاطرة والتفرد والإبداع، ويعطي هذا النوع من الثقافة الأولوية لتحويل الأفكار الجديدة إلى منتجات تساعد على نمو الشركة ونجاحها.
ثقافة السوق
هي بيئة عمل موجهة نحو النتائج، حيث يُوضع النجاح الخارجي فوق الرضا الداخلي، مع إعطاء الأولوية للمحصلة النهائية، وغالبًا ما تعمل على تلبية الحصص والوصول إلى الأهداف والحصول على النتائج، كما تتضمن ثقافة السوق أيضًا درجات الفصل بين المديرين التنفيذيين والموظفين.
ثقافة التسلسل الهرمي
هي بيئة عمل تقليدية، تتجنب المخاطر حيث لا يوجد مجال كبير للتكيف والتغيير، وتهتم بالاتجاه الذي تم تحديده مسبقًا، وغالبًا ما تُقدّر العمليات المحددة جيدًا والاستقرار والتوحيد، بالإضافة إلى أنه غالبًا ما تتضمن سلسلة محددة من الأوامر ودرجات متعددة من الفصل بين المديرين التنفيذيين والموظفين.
نصائح لبناء ثقافة شركة ناجحة
هناك طرق عديدة لبناء ثقافة الشركة، وهذه بعض النصائح للمساعدة في بناء ثقافة شركة أكثر فعالية، لمساعدة الشركة والموظفين على تحقيق أهدافهم.
- اتخاذ القرار حول ثقافة شركتك المثالية
من الأفضل أن تستغرق وقتًا أطول في البداية لتحديد نوع ثقافة الشركة التي ستعمل بشكل أفضل بدلًا من محاولة تصحيحها لاحقًا، لذا إذا كنت تنوي بناء ثقافة الشركة، احصل على الوقت الكافي للقيام بذلك بشكل فعال.
- مقارنة ثقافة الشركة المثالية بالثقافة الحالية
مع انضمام المزيد من الأشخاص إلى الشركة، تستمر ثقافة الشركة في التطور، حيث يجلب كل موظف مجموعة من الخبرات والقيم الخاصة به، ألق نظرة صادقة على ثقافة مكان العمل التي تعجبك أو لديك خبرة بها، واحصل على عناصر من ثقافات العمل المتنوعة هذه وقم بتعديلها بحيث تتطابق مع رؤية الشركة النهائية.
- سؤال الموظفين عن رأيهم
الموظفون لديهم آراء حول ثقافة الشركة، لذا اسألهم عن رأيهم من خلال استطلاعات مجهولة المصدر؛ فمن المرجح أن يكون العمال صادقين بشأن ما يحلو لهم في بيئة عملهم الحالية إذا شعروا أنهم يستطيعون التعبير عن أنفسهم بحرية.
- تشجيع التوازن بين العمل والحياة لتقليل التوتر
عندما يصبح ضغط العمل أكثر من اللازم، فإنه يضر بالحياة اليومية للموظف، بما في ذلك مستوى الرضا الوظيفي، لذلك نجد أنّ الموظفين الذين يعتنون بصحتهم الجسدية والعقلية والروحية أكثر فاعلية وإنتاجية.
- التأكد من أن الموظفين الحاليين يفهمون توقعاتك
يجب أن يفهم الموظفون ما تتوقعه الشركة منهم، وهذا يعني أن الشركة تستغرق وقتًا لتثقيف الموظفين حول توقعاتها، على سبيل المثال: إذا كانت ثقافة الشركة موجهة نحو الفريق وتتسم بالشفافية، فقد يُتوقع من أعضاء الفريق نشر تحديثات منتظمة لتقدم عملهم على شبكة الإنترنت الخاصة بالشركة.
أفضل الطرق للتعرف على ثقافة الشركة
بصفتك باحث عن العمل، فيما يلي بعض النصائح لتحديد ما إذا كانت ثقافة الشركة تتطابق مع قيمك الشخصية أم لا:
النظر إلى صفحة “نبذة عنا” على الإنترنت
يجب أن تحتوي صفحة “نبذة عنا About Us” على قيم الشركة وشهادات الموظفين وحتى الصور ومعلومات الاتصال، حيث أن وجود هذه المعلومات يدل على أن الشركة ليس لديها على الإطلاق ما تخفيه عندما يتعلق الأمر بالترويج لثقافة ناجحة.
النظر إلى حسابات التواصل الاجتماعي
يمكن لما تنشره الشركة على حساباتها في منصات التواصل الاجتماعي أن يعطي نظرة ثاقبة عن ثقافة الشركة وسلوكها، لاحظ ما تشاركه الشركة وتحتفل به علنًا فيما يتعلق بقيمها وبيئة العمل والموظفين، قارن نتائجك بقيمك الخاصة وربما بمصادر أخرى مثل تقييمات الموظفين المباشرة.
قراءة المراجعات ومعلومات الراتب
قبل الذهاب إلى مقابلة التوظيف تأكد من اطلاعك على المواقع الأخرى لقراءة مراجعات الموظفين حول الشركة، وتأكد أيضًا من مراجعة بيانات الرواتب لمعرفة ما إذا كانت الشركة تدفع لموظفيها بشكل عادل، يمكنك أيضًا أن تسأل من يعمل في الشركة عن أي شيء يعرفه بخصوص ثقافة الشركة.
طرح الأسئلة حول ثقافة الشركة
أثناء مقابلة التوظيف يجب أن يكون لديك قائمة بالأسئلة محددة مسبقًا بخصوص الموضوعات التي تهمك حول الشركة، مثل: معرفة المزيد عن كيفية عمل الفرق، وما إذا كانت هناك مجموعات موظفين يمكنك الانضمام إليها، والطرق التي تتبعها الشركة فيما يخص التوازن بين العمل والحياة، وبصورة عامة مهما كانت نوعية الأسئلة التي لديك فلا تخف من طرحها في المقابلة.
في الختام، تعتبر ثقافة الشركة مهمة لكل من الموظفين والشركات، لأن الموظفين المناسبين لثقافة الشركة من المحتمل ألا يكونوا أكثر سعادة فحسب، بل سيكونون أكثر إنتاجية، ومن ثم عندما يتوافق الموظف مع الثقافة الخاصة بالشركة، فمن المحتمل أن يرغب في البقاء مع تلك الشركة لفترة أطول، مما يقلل من التكاليف المرتبطة بتدريب الموظفين الجدد.