أهم مراحل نمو الشركات الناشئة

شارك

للوهلة الأولى يبدو أن تصنيف المشكلات ومراحل نمو الشركات الناشئة بطريقةٍ منهجيةٍ مفيدةٍ مهمةً صعبةً للغاية، حيث تتنوع هذه الشركات بشكلٍ كبيرٍ من حيث الحجم والقدرة على النمو واستقلالية العمل والهياكل التنظيمية وأنماط الإدارة المتنوعة.

مراحل نمو الشركات الناشئة

أهم مراحل نمو الشركات الناشئة

مع ذلك عادةً ما تواجه مثل هذه الشركات مشاكل مشتركةً تنشأ في مراحل مختلفة من نموهم، ويمكن تنظيم نقاط التشابه هذه في إطار عملٍ يزيد من فهمنا لطبيعة وخصائص ومشاكل الشركات الناشئة، وبالنسبة لأصحاب الشركات الناشئة هناك خمسة مراحل رئيسية يمكن القياس عليها في نمو أعمالهم وهي:

المرحلة الأولى: الوجود

في هذه المرحلة تتمثل المشاكل الرئيسية لمعظم الشركات الناشئة في الحصول على العملاء وتقديم المنتج أو الخدمة المتعاقد عليها، وهناك أسئلةٌ رئيسيةٌ يجب الإجابة عليها تشمل:

  • هل يمكن الحصول على عددٍ كافٍ من العملاء؟
  • هل يمكن تقديم الخدمات بشكلٍ جيدٍ بما يكفي لتصبح الشركة قابلةً للحياة؟
  • هل يمكن التوسع من عميل رئيسي واحد أو عملية إنتاجٍ تجريبيةٍ إلى قاعدة مبيعاتٍ أوسع بكثير؟
  • هل يوجد ما يكفي من المال لتغطية الطلبات النقدية الكبيرة لمرحلة البدء هذه؟

بالإجابة على الأسئلة أعلاه يمكن معرفة الكثير عن مسار الشركة الناشئة وكيفية عملها، مع الإشارة إلى أن مالك الشركة في هذه المرحلة يفعل كل شيء، ويُشرف مباشرةً على مرؤوسيه الذين يجب أن يكونوا على الأقل من ذوي الكفاءة المتوسطة.

كما أن استراتيجية الشركة هي ببساطة البقاء على قيد الحياة. وتتراوح الشركات في مرحلة الوجود من المطاعم ومحلات البيع بالتجزئة التي بدأت حديثًا إلى الشركات المُصنعة ذات التقنية العالية التي لم تحقق الاستقرار بعد في الإنتاج أو جودة المنتج.

 العديد من هذه الشركات عندما لا تحصل أبدًا على قبول كافٍ من العملاء أو عندما تكون غير قادرةٍ على الحياة، في هذه الحالات يُغلق المالكون الشركة عندما ينفذ رأس المال التأسيسي، وإذا حالفهم الحظ يقومون ببيعها مقابل قيمة أصولها، وفي بعض الحالات قد يستقيلوا مما ينقل الشركة إلى المرحلة الثانية.

المرحلة الثانية: النجاة

عند الوصول إلى هذه المرحلة نجد أن المشروع قد أثبت أنه كيانٌ تجاري عملي، ولديه عددٌ كافٍ من العملاء قادرٌ على إرضائهم بمنتجاتٍ أو خدماتٍ للاحتفاظ بهم، وهكذا تتحول المشكلة الرئيسية من مجرد الوجود إلى العلاقة بين الإيرادات والمصروفات، والأسئلة الرئيسية في هذه المرحلة هي:

  • على المدى القصير، هل يمكن توليد ما يكفي من النقود لتحقيق التعادل وتغطية إصلاح أو استبدال الأصول عندما تتآكل؟
  • هل يمكن على الأقل توليد ما يكفي من التدفق النقدي للبقاء، وتمويل النمو إلى حجمٍ كبيرٍ بما فيه الكفاية لكسب عائدٍ اقتصادي على الأصول والعمل؟

في هذه المرحلة قد يكون لدى معظم الشركات الناشئة عدد محدود من الموظفين يُشرف عليهم مدير مبيعات أو رئيس عمالٍ عام، ولا يتخذ أي منهما قرارات رئيسية بشكلٍ مستقل، بل ينفذ بدلاً من ذلك أوامر مالك المشروع المحددة سابقًا.

الهدف الرئيسي للشركة في هذه المرحلة هو البقاء على قيد الحياة، وقد تنمو في الحجم والربحية وتنتقل إلى المرحلة الثالثة، أو قد تظل في مرحلة البقاء لبعض الوقت وتحقق عوائد هامشية على الوقت المستثمر ورأس المال، وتخرج في النهاية من العمل عندما يستسلم المالك أو يتقاعد.

المرحلة الثالثة: النجاح

في هذه المرحلة يقوم مُلاك الشركات الناشئة باستغلال إنجازات الشركة وتوسيعها أو الحفاظ عليها مستقرةً ومربحةً، وتوفير قاعدةٍ صلبةٍ لإطلاق بديلٍ للشركة، وبالتالي فإن السؤال الرئيسي هو: ما إذا كان يجب استخدام الشركة كمنصةٍ للنمو – إطلاق شركة فرعية – أو كوسيلةٍ لدعم المالك للانفصال كُليًا أو جزئيًا عن الشركة.

حيث أن استقرار الأعمال قد يجعل رائد الأعمال – مالك الشركة – يُفكر في بدء مشاريع جديدة أو الترشح لمنصبٍ سياسي، أو حتى ممارسة هواياتٍ ومصالح خارجية أخرى مع الحفاظ على نجاح الشركة في وضعها الراهن بشكلٍ أو بآخر.

ومن الناحية التنظيمية يتطلب عادةً دخول مديرين جُدد يتولون واجباتٍ معينة كان يؤديها المالك، ويجب أن يكونوا أكفاء ولكن ليس من الضروري أن يكونوا على أعلى مستوى لأن إمكاناتهم محدودةٌ بأهداف الشركة، والتي تكون في تجنب استنزاف السيولة في فترات الازدهار؛ حتى تكون الشركة قادرة على تحمل الأوقات العصيبة التي قد تأتي مستقبلًا.

كما أنه في هذه المرحلة تكون الشركة قد حققت صحةً اقتصاديةً حقيقيةً، ولديها حجم أموالٍ كافٍ، وتواجد قوى في السوق يضمن لها النجاح مع تحقيق أرباحٍ متوسطةٍ أو أعلى من المتوسطة، ويمكن للشركة البقاء في هذه المرحلة إلى أجلٍ غير مسمى، بشرط ألا يؤدي التغيير البيئي إلى تدمير مكانتها السوقية أو أن تقلل الإدارة غير الفعالة من قدراتها التنافسية.

إذا تمكنت الشركة من الاستمرار في التكيف مع التغيرات البيئية فيمكنها الاستمرار كما هي، أو يمكن  بيعها أو دمجها مع شركاتٍ ناشئةٍ أخرى، أو البحث عن تمويلٍ عالٍ لتحقيق النمو، ولكن إذا لم تستطع الشركة التكيف مع الظروف المتغيرة فسوف تنكمش أو تتراجع لتكون شركة ناجية.

اقرأ أيضًا: أهمية الإدارة المالية في نجاح الشركات الصغيرة

المرحلة الرابعة: الانطلاق في النمو

تتمثل المشاكل الرئيسية في هذه المرحلة في كيفية النمو السريع وكيفية تمويل هذا النمو، ومن ثم فإن أهم الأسئلة تكون في المجالات التالية:

  • هل يمكن للمالك تفويض المسؤولية للآخرين لتحسين الفعالية الإدارية لمؤسسةٍ سريعة النمو و معقدة بشكلٍ متزايد؟
  • هل سيكون هناك ما يكفي لتلبية الطلب الكبير الذي يجلبه النمو؟

تعتبر هذه المرحلة فترةً محوريةً في حياة الشركات الناشئة، فإذا ارتقى المالك إلى مستوى تحديات الشركات الناشئة من الناحيتين المالية والإدارية فيمكن أن تصبح شركته كبيرة، إذا لم يكن الأمر كذلك فيمكن عادةً بيعها بأرباحٍ عالية.

من الممكن بالطبع أن تتجاوز الشركة هذه المرحلة عالية النمو دون تواجد الإدارة الأصلية، حيث أنه غالبًا ما يُستبدل رائد الأعمال الذي أسس الشركة وأدخلها إلى مرحلة النجاح إما طوعًا أو كرهاً من قِبل مستثمري الشركة أو دائنيها.

إذا فشلت الشركة في تحقيق الكثير من الأرباح فقد تكون قادرةً على تقليص النفقات والاستمرار كشركةٍ ناجحةٍ وكبيرةٍ أو قد تعود إلى المرحلة الثالثة، ولكن إذا كانت المشاكل واسعة النطاق للغاية، فقد تعود إلى المرحلة الثانية وهي النجاة – البقاء على قيد الحياة – أو حتى قد تفشل.

المرحلة الخامسة: الاستقرار وقيادة السوق

إن أكبر اهتمامات الشركة التي تدخل هذه المرحلة هي:

  • أولًا: تعزيز ومراقبة المكاسب المالية الناتجة عن النمو.
  • ثانيًا: الاحتفاظ بمزايا الشركات الناشئة بما في ذلك مرونة الاستجابة وروح المبادرة.

يجب على الشركة أن توسع منصب الإدارة بالسرعة الكافية للقضاء على أوجه القصور التي يمكن أن ينتجها النمو، بالإضافة إلى إضفاء الطابع المهني على الشركة من خلال التركيز على الميزانيات والتخطيط الاستراتيجي والأهداف دون خنق صفاتها الريادية.

 تمتلك الشركات الناشئة في هذه المرحلة أنظمةً واسعةً ومتطورة، وما يكفي من الموظفين وذوي الخبرة للمشاركة في التخطيط التشغيلي والاستراتيجي والموارد المالية، وتكون الإدارة لا مركزية ويكون المالك والعمل منفصلان تمامًا ماليًا وتشغيليًا.

إذا تمكنت من الحفاظ على روح المبادرة فستصبح قوةً هائلةً في السوق، وإذا لم يكن كذلك فقد تدخل الشركة مرحلة العظمة حيث أن هذه المرحلة تتميز بعدم وجود قراراتٍ مبتكرةٍ لتجنب المخاطر، وهو ما نجده أكثر شيوعًا في الشركات الكبيرة التي تعمل على المحافظة على حصتها الكبيرة في السوق، وقوتها الشرائية، ومواردها المالية للاستمرار حتى يحدث تغيير كبير في البيئة التنافسية.

وهذا يأتي غالبًا من قِبل الشركات الناشئة المنافسة التي تتزايد بسرعةٍ شديدة، والتي تكون أكثر قدرةً على ملاحظة التغيير في البيئة التنافسية، كما يسعون بكل جهدهم لملء الفجوات التي لم تنتبه لها الشركات الكبيرة.

الخلاصة

على الرغم من أن إنشاء الشركات الناشئة في الفترة الأخيرة قد أصبح شائعًا إلا أن الكثير منها معرضٌ للفشل بشكلٍ كبير، حيث أن التحديات الرئيسية لأي شركةٍ ناشئةٍ هو حقيقة أن المشاكل التي تواجهها والمهارات اللازمة للتعامل معها تتغير مع نمو الشركة.

وبالتالي يجب على رواد الأعمال توقع وإدارة المشاكل التي تنشأ بسرعة للنهوض بمشاريعهم وتنميتها لتحقيق أهدافهم التي من أجلها قاموا بأخذ المبادرة وإنشاء الشركة.

يمكنك التعرف على هذه المهارت في دورة المهارات الناعمة وأثرها في إدارة المشاريع:

شارك